سورة الفتح - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الفتح)


        


قوله عز وجل: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ ءَامِنينَ مُحَلِّقينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} قال قتادة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، رأى في المنام، أنه يدخل مكة على هذه الصفة، فلما صالح قريشاً بالحديبية، ارتاب المنافقون، حتى قال صلى الله عليه وسلم: «فَمَا رَأَيْتُ فِي هذَا العَامِ»
ثم قال: {فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُواْ} فيه قولان:
أحدهما: علم أن دخولها إلى سنة ولم تعلموه أنتم، قاله الكلبي.
الثاني: علم أن بمكة رجالاً مؤمنين ونساء مؤمنات لم تعلموهم؛ الآية.
ثُمَّ قَالَ: {فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً} فيه قولان:
أحدهما: أنه الصلح الذي جرى بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وقريش بالحديبية، قاله مجاهد.
الثاني: فتح مكة، قاله ابن زيد والضحاك.
وفي قوله: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَآءَ اللَّهُ} ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه خارج مخرج الشرط والاستثناء.
الثاني: أنه ليس بشرط وإنما خرج مخرج الحكاية على عادة أهل الدين، ومعناه لتدخلونه بمشيئة الله.
الثالث: إن شاء الله في دخول جميعكم أو بعضكم، ولأنه علم أن بعضهم يموت.


قوله عز وجل: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ} فيه ستة تأويلات:
أحدها: أنه ثرى الأرض وندى الطهور، قاله سعيد بن جبير.
الثاني: أنها صلاتهم تبدوا في وجوههم، قاله ابن عباس.
الثالث: أنه السمت، قاله الحسن.
الرابع: الخشوع، قاله مجاهد.
الخامس: هو أن يسهر الليل فيصبح مصفراً، قاله الضحاك.
السادس: هو نور يظهر على وجوههم يوم القيامة، قاله عطية العوفي.
{ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطَأَهُ} فيه قولان:
أحدهما: أن مثلهم في التوراة بأن سيماهم في وجوههم. ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه.
الثاني: أن كلا الأمرين مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل.
وقوله: {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أن الشطأ شوك السنبل، والعرب أيضاً تسميه السفا والبهمي، قاله قطرب.
الثاني: أنه السنبل، فيخرج من الحبة عشر سنبلات وتسع وثمان، قاله الكلبي والفراء.
الثالث: أنه فراخه التي تخرج من جوانبه، ومنه شاطئ النهر جانبه، قاله الأخفش.
{فَآزَرَهُ} فيه قولان:
أحدهما: فساواه فصار مثل الأم، قاله السدي.
الثاني: فعاونه فشد فراخ الزرع أصول النبت وقواها.
{فَاسْتَغْلَظَ} يعني اجتماع الفراخ مع الأصول.
{فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ} أي على عوده الذي يقوم عليه فيكون ساقاً له.
{يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} يعني النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، لأن ما أعجب المؤمنين من قوتهم كإعجاب الزراع بقوة رزعهم هو الذي غاظ الكفار منهم.
ووجه ضرب المثل بهذا الزرع الذي أخرج شطأه، هو أن النبي صلى الله عليه وسلم حين بدأ بالدعاء إلى دينه كان ضعيفاً، فأجابه الواحد بعد الواحد حتى كثر جمعه وقوي أمره، كالزرع يبدو بعد البذر ضعيفاً فيقوى حالا بعد حال يغلظ ساقه وأفراخه فكان هذا من أصح مثل وأوضح بيان، والله أعلم.

1 | 2 | 3 | 4